في كل مكان أو مجال هناك شخص يقود الدفة وينشر الهمة والعزم ويطبق الفكر من خلال العمل وهؤلاء المميزون بكل مجال تجمعهم صفة مشتركة وهي ما تسمي بالإلهام.
واليوم نتحدث عن شخصية كروية مارست القيادة وجعلت أفراده وزملائه متوحدين حول هدف واحد وهو النجاح ألا وهو حسام حسن الذي كان ملهماُ سواء كلاعب أو كمدير فني والذي كان تدريبه للزمالك منذ نوفمبر الماضي علامة تحول كبير في مسيرة
القلعة البيضاء لهذا الموسم بالدوري المصري * صديق لكل أفراد الفريق
استطاع حسام حسن أن يأخذ عناصر فريقه كأصدقاء يحكي لهم مخاوفه وقلقه من المباراة القادمة والمنافس وما يمكن أن يفعله كل لاعب أو مدرب بالفريق لتحقيق أفضل نتيجة والتوحد حول ذلك الهدف وهم أيضا يتكلمون معه فيما يشغلهم أو يجعلهم مضطجرين من وضعهم بالفريق أو علاقتهم بإدارة النادي.
وهو ما جعل حتى البديل صديق له قبل الأساسي وحدث مشهد بمباراة الزمالك والمقاولون أكد حرصه على ذلك الأمر عندما كان يهم بإجراء تغيير هجومي عندما كانت المباراة تشير إلى التعادل السلبي فعندما سجل الفريق هدف الفوز تراجع عن فكرة التغيير للطارئ الجديد الذي حدث على أرضية الملعب وقام باحتضان حسين ياسر البديل الذي كان يعد نفسه للنزول ومواساته مؤكداُ أن لديه دور مع الفريق لكن ظروف المباراة اقتضت ذلك فقد احتضنه نفسياُ قبل أن يكون مجرد مادة إعلامية على الشاشة.
وكذلك علاقته بلاعبين جماهيريين بشكل جيد بدون إغفال اللاعبين المغمورين والذين ليس لهم شعبية بعد..هو الملهم بلا شك والأب الروحي * ليس لديه لاعب مفضل
من مميزات حسام حسن كمدير فني أنه لا يعرف المجاملة بعمله كثيراُ ولا يوجد لاعب يضمن تواجده بالتشكيل الأساسي إلا لظروف خارجة عن الإرادة.
فما حدث ببداية تدريبه للزمالك وبزوغ نجم حازم إمام الظهير الأيمن الشاب وعودته للمستوي مع حسام وأصبح عنصر هام يعول عليه ولكن عندما تراجع مستواه لم يبقي عليه وأعطي الفرصة للاعب ربما هو أقل فنياُ لكنه وجد به الحماس لفعل شيء وللتطور وهو أحمد غانم سلطان.
حالة أخري وهي حالة هاني سعيد الذي ظل بعيداُ عن التشكيلة الأساسية حتى وجد أنه تألق وقدم مستوي مرضي كثيراُ مع المنتخب المصري فوظفه بمكان جديد لم يلعب به هاني كثيراُ وهو بمنتصف الملعب.
أحدث حزباُ داخل الحزب
بطبيعة الأمر كان قرار مجلس إدارة نادي الزمالك بتعيين حسام حسن وجهازه الفني على رأس القيادة الفنية بالبيت الأبيض بداية لعصر جديد في غرفة خلع الملابس.
فقد أصبح حسام حسن بما يملكه من علاقة جيدة مع اللاعبين وسيطاُ مع شقيقه لحل الأمور المتأزمة مادياُ خاصة وشاملة بشكل عام للاعبين فأصبحت إدارة النادي مقتنعة بقوة حزب التوأم داخل الفريق وأنه لا يمكن إلا اعتبارها وسيطاُ بالإضافة للنظر في طلباته بعين اعتبار كبيرة.
خاصة وان حسام حسن كاسم جماهيري أيضاُ أصبح رمزاُ قادر على إشعال حماس وغضب الجماهير متى أراد وبذلك أصبح مجلس الإدارة يواجه حزب "حسن" رغما عن إرادته وساهم في ذلك النتائج الإيجابية التي تحققت.
وما قوله للحكم الرابع عند لقاء الزمالك الأخير مع المقاولون ببعيد عنا : "هخلي الملعب نار وهنزلكوا الجماهير".
أو ما قاله عن أزمة جدو: "من يتلاعب بالزمالك لن يلعب كرة بمصر".
ونستطيع أن نقول أن الجماهير البيضاء عرفت ذلك من أول يوم جاء به حسام حسن على رأس القيادة الفنية للفريق وبالتدريبات وبدخلات الجماهير الاحتفالية قبل المباريات وأنه جاء ليغير عيوب ومساويء عديدة للاعبي الزمالك بمجال الانضباط وربما لأول مرة منذ فترة طويلة نجد الجماهير لا تشتم لاعبيها لأنها تعلم أنها تبذل أقصي ما لديها وعاد الود بين الجماهير ولاعبين كانوا فيما قبل دائمي الشجار معهم وأبرزهم شيكابالا.
* يرفض الهزيمة
في قاموس حسام حسن يعتبر تأخر فريقه بالنتيجة سواء كلاعب أو كمدرب عار لا يضاهيه عار ولا يمكن أن يتعامل مع الأمر ببرود أو لا مبالاة أو أنه حتى من أحكام الدنيا وسنة الحياة أن تصبح يوماُ فائزاًُ ويوماُ خاسراُ.
هذه هي الفلسفة الحسامية لذلك أصبح فريقه يلعب من أجل الفوز وكل الخطط التي يتبناها للدخول بأجواء المباريات تجعل كل لاعب مشارك بالهجوم ويحاول أن يتفنن ويقوم حتى بأدوار لم يسبق له القيام بها.
هذه الصفة التي اكتسبها اللاعبون خططياُ تأتي من إيمانهم باسم حسام و وقع تأثيره عليهم بالإضافة لإخلاصه الكامل الذي وجدوه مع كل الفرق التي مثلها كلاعب وأخلص لها وكأن ابن للنادي منذ عقود من الزمان.
* الكل يلعب للأمام
أسمح لي عزيزي زائر جول.كوم أن أصل نقطة بنقطة فأصل ما سبق بنقطتي الحالية وهو أن ثقافة الانتصار وفقط هي تنعكس بشكل مباشر على خطط وتكتيكات ونظم قطع الشطرنج لدي المدرب على أرض الملعب.
وهذا ما يعيه حسام جيداُ فجعل كل لاعب بالفريق خلاق ومبدع وقادر أن يقوم بأكثر من وظيفة وعلي سبيل المثال لا الحصر فمحمد عبد الشافي الظهير الأيسر للزمالك يسدد من بعيد ويمرر ويقوم بعرضيات وأحيانُ يدخل منطقة الجزاء ويقوم بدور مستقبل العرضية فيضرب الكرة برأسه لعلها تجد طريقها للمرمي.
وهذا الأمر لا يجري اعتباطاُ فلا بد من حماس وإتقان لكل تلك المهارات ليتحول الكلام إلى واقع والخطة لتطبيق وهنا يمكن أن نقول أن تطبيق الحلول الهجومية لدي حسام يمكن اختصاره في جملة أن الفريق يهاجم ككتلة واحدة.
* دور إضافي بالتدريبات
يقوم حسام حسن كدور أي مدرب طبيعي فيبدأ بالتدريبات البدنية وتدريبات بالكرة وتدريبات خططية للمدافعين ولاعبي الوسط والمهاجمين وتقسيم الفريق على مجموعتين ولعب مباراة تجريبية.
فيشترك هنا في الجزء الأخير من البرنامج وهو لعب المباراة التجريبية أحيانُ كنوع من إضافة المرح وربما الغيرة والغبطة ويشحذ همم ومواهب اللاعبين عندما يشارك كلاعب ويحرز أهداف أو يتألق.
أيضاُ يدخل عناصر من الجهاز الفني أو اللاعبين المحبطين للأجواء بأن يشرك مدرب الفريق عبد الحليم علي كمهاجم أو يلعب محمد عبد المنصف الحارس الاحتياطي بمركز رأس الحربة.
تلك الأشياء البسيطة التي ليست من العبث في شيء مادام يتم تقطيرها وتجربتها كل فترة ليست بالطويلة ولا بالقصيرة لإضافة جو من المرح وإقامة علاقة متجددة مرة أخري مع الزملاء وعناصر الجهاز الفني.
* الثبات الذهني للاعبين
ماذا يعني ذلك؟ أن يظل فكر اللاعب وذهنه متعلقاُ حتى بأقل المباريات والتي ينظر لها أحياناُ بشكل مغاير كالمباريات الودية والتجريبية البسيطة.
فنجد حسام غاضباُ بشدة من أداء لاعبيه بمباراة ودية ويطلب من اللاعبين اللعب بكل جدية وحماس أمام الإسماعيلي في مباراة لاعتزال طارق مصطفي أو مباراة تكريمية لعبد الحميد بسيوني.
وأن لا تأخذ تلك المباريات كأنها مباريات احتفاليه بل أنها مباراة من صميم العمل وأنه يختار من بجده جاداُ في تلك المباريات بالتشكيل الأساسي ولذلك كثرت أمثال تلك المباريات والمعسكرات المغلقة بمدينة السادس من أكتوبر وكل ذلك يصب في سلة واحدة.
* لا شيء مستحيل
في قاموس حسام حسن أيضاُ فالمستحيل ليس له تعريف أو تصريف فقد أدار مع الزمالك ثمان مباريات فاز في 6 مباريات بشكل متتالي وتعادل في واحدة وخسر في أخري وحافظ على نظافة شباكه لخمس مباريات متتالية
فمنذ 30 نوفمبر 2009 وخلافته للمدير الفني الفرنسي هنري ميشيل وجدنا تغييرا كاملاُ في النتائج و الإنضباط الفني والنفسي على أرض الملعب وربما عاب حسام بعض العصبية لكنها لا تنتقل أبداُ لعناصر فريقه فنجد لديهم الهدوء والتعامل بشكل جيد في أصعب المواقف وحتى ذلك انعكس على مهاجم الفريق الذي كان المفاجأة السارة لجماهير الزمالك هذا الموسم أحمد جعفر في البرود الإيجابي الكبير بتعامله مع الفرص أمام المرمي.
والآن بعد أن كان قد وصل والفريق قابع بالمراكز الأخيرة وتتمنى الجماهير الابتعاد عن شبح الهبوط دخل الفريق الأبيض في دائرة المنافسة على أول ثلاثة مراكز وقد قبل حسام التحدي مرة أخري فأعلن أن التنافس على بطولة الدوري جائز وموجود مادام الفريق يسير بهذا الثبات.
تعلمت منك أيها الأقرع كيف يمكن للمرء أن يهب حياته للعمل الذي يحب وما يمكن أن يكلفه ذلك من عزم ومثابرة لأجل الوصول لهدفه
كيف تعشق كرتك كل هذا العشق يا من أسماك البعض بالجد وأنت لاعب فلم يزدك ذلك سوي تحدي ونجاحات متتالية وأصبحت مدرباُ فلقنت لاعبيك درساُ في الأخلاص لفانلة لم ترتديها سوي لسنوات معدودة.
ولكن من قال أن الإخلاص مقترن بسنوات العمر ..من قال؟!.
فكم من الناس عاش حياته هباءاُ على كثرة ما عاش وأفني بهذا العالم وهناك آخرون عرفناهم ليالي معدودة ولكن مكانهم بالذهن والقلب لا يتزعزع.